عرض مشاركة واحدة
قديم 11-19-2014, 10:04 PM   رقم المشاركة : 2
عضو مبتدئ







الصبر الجميل غير متواجد حالياً

افتراضي

طلب السعادة في الفن

يقول:
(أهل الفن: إن حياتهم أسوأ حياة يعيشها البشر؛ فشل أسري، مخدرات، انحلال، انعدام حياء، موت فضيلة، وأقصد بأهل الفن أهل الغناء والطرب، والتمثيل، ولا أقول هذا من عندي، بل هو من مذكراتهم التي تعج بها الصحف صباح مساء، خذوا على ما أقول ثلاث وقائع). يعني: قد يكونون معذورين، لأن أكثرهم ما وجدوا طريق السعادة الحقيقية وما ذاقوا طعم الإيمان. يحكي أحد من إخواننا في القاهرة، بينما كنا في درس في المسجد، فأرسلت لنا بورقة من خارج المسجد، وكانت الورقة من امرأة تشتغل بالرقص، فتقول: أنا أعمل راقصة، وأنا واقفة خارج المسجد بزي الرقص متبرجة، وأنا قلبي يتقطع من هذا الكلام الذي أسمعه، فمدوا إلي أيديكم، فالمهم أن بعض الأخوات أخذنها وأدخلنها المسجد وألبسنها الحجاب، ثم إن هذه المرأة أتت بستين راقصة وأدخلتهن في دائرة الإسلام وتحجبن، فهن كن في ضياع ولم يذقن حلاوة الإيمان، وكن يظنين أن في المال والشهرة والعبث واللعب توجد السعادة الحقيقية، فلما وجدت هذه المرأة حلاوة الإيمان أتت بالراقصات من الأرياف والقرى، فكان بفضل الله عز وجل أن من عليهن بإيمان عظيم. فهذا يدل على أنهن محرومات، وأنهن في شقاء في القلب؛ بسبب المعاصي، فالإنسان لو أطلق بصره مثلاً في امرأة متبرجة مثلاً يجد شقاء في قلبه، فكيف بالزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس.. وهذه الأشياء؟ فإذا كانت نظرة أو كلمة قاتلة تنبت شقاء وظلمة في القلب، والمؤمن يحس بهذه المعصية إذا فعلها، فكيف بالكبائر؟! وكيف بالذي حياته كلها معاص، وهو بعيد جداً عن شرع الله وبعيد عن طريق الإيمان؟ فلا شك أن هؤلاء عندما يجدون السعادة الحقيقية يحسون أنهم كانوا في وهم وخيال، وأن الذي كانوا فيه لم يكن هو السعادة ولا الحياة الطيبة، فمن فيه خير منهم رجع إلى حظيرة الإيمان. يقول: (لا أقول هذا من عندي -يعني: أن أهل الفن أكثر الناس شقاء- بل هو من مذكراتهم التي تعج بها الصحف صباح مساء، خذوا على ما أقول ثلاث وقائع: الواقعة الأولى: أنور وجدي زوج الممثلة اليهودية ليلى مراد ). يعني: نذكر هذه الأسماء وإن كان الأولى أن ننزه هذه الأماكن منها، ولكن ذكر في القرآن مثل قارون و هامان و أبي بن خلف وفرعون للعبرة والعظة. يقول: (هذه الزوجة قالت في مذكراتها عن زوجها أنور وجدي : إن زوجي كان ممثلاً بسيطاً، فقال: أتمنى أن أملك مليون جنيه حتى ولو أصبت بمرض، فقلت له: ما ينفعك المال إذا جاءك المرض؟ فقال: أنفق جزءاً من المال في علاج المرض، وأعيش ببقيته سعيداً، تقول: فملك أكثر من مليون جنيه، وابتلاه الله بسرطان في الكبد، فأنفق المليون جنيه وزيادة ولم يجد السعادة، حتى إنه كان لا يأكل إلا شيئاً يسيراً من الطعام). يعني: قد يكون عنده مال كثير جداً، ولكنه عنده من الأمراض ما لا يجد طعم الطعام. يقول: (فهو ممنوع من أكل كثير من الأطعمة، وأخيراً مات بهذا المرض حسيراً نادماً). لم يجد سعاة لا في الدنيا ولا في الآخرة، إن كان مات على عمل سيئ. يقول: (الواقعة الثانية: نيازي مصطفى ، هو من كبار المخرجين، لكنه عاش حياته في شقاء وتعاسة، وعندما بلغ السبعين من عمره، وجدوه قد قتل في منزله، ووجدوا أنه في تلك الليلة التي مات فيها، قد أقام حفلة صاخبة، شاركه فيها أكثر من عشر فتيات، وفي الصباح وجدوه أثراً بعد عين، فقد وجدوه قتيلاً!). وكثير من هؤلاء يموت من كثرة شرب الخمر، فيحصل له تسمم من الخمر يموت بسوء خاتمه بسببه والعياذ بالله. يقول: (انظر إلى هذه الحياة، ذعر، وسكر، وخيانة، مات على هذه الحالة المأساوية، نعوذ بالله من سوء الخاتمة. الواقعة الثالثة: عبد الحليم حافظ الرجل الذي عاش حياته مريضاً وحيداً). وأنا كنت أتصور أن عبد الحليم حافظ هذا كان عمره بين العشرين والثلاثين سنة، ولكنه كان قد تجاوز الخمسين سنة، وما تزوج، وعاش حياة كما يعيش غيره من أهل الفن. يقول: ( عبد الحليم حافظ الرجل الذي عاش حياته مريضاً وحيداً من غير زوجة ولا ولد، إلى أن اختطفه الموت، وأنهكه المرض بعد الخمسين بقليل في قمة الشقاء. فالسعادة إذاً ليست إلا بريقاً زائفاً تشع به أعينهم؛ لتوهم الآخرين بذلك، مع أنهم يعيشون في الواقع قمة الشقاء والتعاسة). إذاً: فليست السعادة لا في المال ولا في الشهرة.


طلب السعادة في الشهادات والمناصب

هل السعادة في الشهادات، وأنه يصبح للإنسان شهادة ودرجة عالية؟ يقول: (إذاً: أين السعادة؟ ربما كانت في نيل أعلى الشهادات، في أن يصبح الإنسان دكتوراً!). يعني: عندما كنا في الجامعة كان كثير من الطلاب غاية أمله أن يكون دكتوراً في الجامعة، هذا غاية ما يصبو إليه، ويواصل الليل بالنهار في المذاكرة والعمل من أجل هذه الغاية؛ لأنه يتصور أنه إذا صار دكتوراً في الجامعة سيكون من أعلى الناس منزلة ومن أسعد الناس. يقول: (ربما كانت في نيل أعلى الشهادات، في أن يصبح الإنسان دكتوراً، لكني أقول لكم بكل ثقة: لا، ولنقف قليلاً مع ما يبرهن على هذا بجلاء ووضوح، إليكم هذه القصة الحديثة التي نشرتها مجلة اليمامة: طبيبة تصرخ تقول: خذوا شهاداتي وأعطوني زوجاً! انظروا كيف تقول هذه الطبيبة، تصوروا دكتورة في الطب، وربما كانت في نظر كثير من الناس سعيدة جداً). ثم يقول: (إذاً: لعل أصحاب السعادة هم أصحاب المناصب العالية المرموقة من قادة ووزراء وغيرهم؟ غير أني أقول لكم: لا، أتدرون لماذا؟ لأن المسئولية هم في الدنيا، وإن لم يقم صاحبها بحقها فهي حسرة وندامة يوم القيامة. صاحب المنصب والسلطان لا يفارقه الهم خوفاً من زواله، تجده يشقى للمحافظة عليه، وإذا زال منصبه ولابد أن يزول عاش بقية عمره تعيساً، والمنصب قد يكون سبباً في هلاك صاحبه، ولذلك يعيش في خوف وقلق دائمين. وكفانا على ذلك قصة فرعون وهامان صاحبي المناصب العالية المرموقة اللذان خلد القرآن قصتيهما. أما في العصر الحاضر، فأسرد لكم أمثلة سريعة: المثال الأول: شاه إيران الرجل الذي أقام حفلاً ليعيد فيه ذكرى مرور ألفين وخمسمائة سنة على قيام الدولة الفارسية، وأراد أن يبسط نفوذه على الخليج، ثم على العالم العربي بعد ذلك، ليلتقي مع اليهود، ذلك الرجل الذي كان يتغنى ويتقلب كالطاوس، كيف كانت نهايته؟ لقد تشرد، طرد، ولم يجد بلداً يأويه، حتى أمريكا التي كان أذل عميل لها). يعني: حتى أمريكا رفضت أن تستقبل هذا الشاه المجرم، واستقبلته مصر، وكانت تفتخر بأنها استقبلت شاه إيران المخلوع. يقول: (وظل على هذه الحال حتى مات شريداً طريداً في مصر، بعد أن أنهكه الهم، وفتك به السرطان. أما أولاده وأهله وحاشيته فقد أصبحوا أشتاتاً متفرقين في عدة قارات! المثال الثاني: رئيس الفلبين. هذا الرجل الطاغية ماذا حدث له؟ لقد قلبت نظري كثيراً في قصته، فوجدتها جديرة بأخذ العبرة منها، هذا الزعيم أذاقه الله غصص التعاسة والشقاء في الدنيا قبل الآخرة، فإذا به بين عشية وضحاها يتحول إلى شريد طريد يتنكر له أسياده وأصدقاؤه، ولا يملك الرجوع إلى بلد كان يرتع فيه كما يشاء، حتى إذا جاءت وفاته لم يستطع أن يحصل على أشبار قليلة في بلده يواري فيها سوأته، فسبحان مالك الملك! المثال الثالث: بوكاسا ، وما أدراك ما بوكاسا ! الذي صدر نفسه إمبراطوراً، وما زلنا نذكر صورته وأفعاله في أفريقيا الوسطى. يقول: (عندما زار فرنسا، قام عليه انقلاب، فتشرد في فرنسا حتى ضاقت به الأرض، فجاء إلى بلده باسم مستعار). يعني: أراد أن يدخل بلده فزيف جوازه ودخل باسم مستعار فكشف. قال: (فقبضوا عليه، وحوكم في بلده. ولا أعلم الآن أقتل أم لم يقتل؟ لكن المعلوم أنه أصيب بعدة أمراض: أهونها أمراض التعاسة والهم والغم، في البلد الذي نصب نفسه إمبراطوراً له. هذه بعض الأمثال السريعة، وما أكثر أمثال هؤلاء الذين ذكرت من السابقين واللاحقين، تجري فيهم سنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير. إذاً: هذه السعادة الوهمية التي يتصور الناس أنها حقيقة السعادة، كثير من الناس يبدو لأول وهلة أنهم سعداء، وهم في الواقع يتجرعون غصص الشقاء والبؤس والحسرة. يصور هذا المعنى الشاعر حمد الحجي رحمه الله في قصيدة له فيقول: وما لقيت الأنام إلا رأوا مني ابتساماً ولا يدرون ما بي أظهر الانشراح للناس حتى يتمنوا أنهم في ثيابي ثم يقول: ولو دروا أنني شقي حزين ضاق في عينه فسيح الرحاب لتناءوا عني ولم ينظروني ثم زادوا نفورهم في اغتيابي فكأني آتي بأعظم جرم لو تبدت تعاستي للصحاب هكذا الناس يطلبون المنايا للذي بينهم جليل المصاب ومن أوضح الأمثلة على السعادة الوهمية ما تعيشه أوروبا، وبخاصة الدول الإسكندنافية، فهي أغنى الدول)، مثل السويد وغيرها من الدول. يقول: (فهي أغنى الدول، سواء على مستوى الدولة، أو على مستوى دخل الفرد، ومع ذلك فهي تمثل أعلى نسب انتحار. فدولة السويد مثلاً هي أغنى دولة من حيث دخل الفرد، ولكنها أعلى دولة في نسب الانتحار، بينما نجد الدول الإسلامية -مع أن أكثرها فقيرة- تسجل أقل نسبة من نسب الانتحار في العالم). يعني: يشكل الانتحار أعلى قمة الشقاء والعياذ بالله؛ لأنها ضاقت عليه الأرض بما رحبت، ولم يجد شيئاً من السعادة، فهو يظن أنه قد يجد شيئاً منها بالموت.

( تعريف السعادة وأوهامها ) جزء من محاضرة : ( رسالة السعادة ) للشيخ : ( أحمد فريد )
http://audio.islamweb.net/audio/inde...=204104#204104







    رد مع اقتباس